حالة تأهب قصوى للدول النووية.. والغرب يتخوف من استعمال موسكو “للسلاح التكتيكي”
الشـروق / دخل العالم مرحلة الردع النووي المفتوحة في إعادة للتجربة التي وقعت إبان أزمة صواريخ كوبا بداية الستينات من القرن الماضي، وهذه المرة بسبب الحرب الروسية-الأوكرانية بعدما أعلن الرئيس الروسي فلادمير بوتين وضع السلاح النووي في حالة تأهب قصوى، وهذا يجر باقي القوى النووية إلى الأمر نفسه تحسبا للأسوأ. ويوجد تخوف من استعمال السلاح النووي التكتيكي المختلف عن القنبلة النووية والذي يستعمل لضرب البنيات العسكرية مثل التحصينات.
في هذا الصدد، وجه بوتين، اليوم الأحد، أوامر للقيادة العسكرية بوضع قوات الردع النووي في حالة تأهب قصوى بعد التصريحات التي اعتبرها “عدوانية” من دول الحلف شمال الأطلسي. وقال بوتين: “الغرب لا يتخذ خطوات عدائية اقتصادية وحسب، بل أدلى مسؤولون بحلف الناتو بتصريحات عدوانية ضد روسيا”.
قوات الردع مجهزة بالصواريخ والقاذفات الاستراتيجية والغواصات والسفن الحربية. وتشمل الخطة الدفاعية للردع، الأنظمة المضادة للصواريخ وأنظمة التحكم الفضائية وأنظمة الدفاع المضادة للطائرات والأقمار الصناعية.
وتأتي هذه التطورات في وقت تعرضت فيه روسيا إلى ما تعتبره عدوانا يتجلى في ثلاثة قرارات قد تحمل تأثيرات سلبية وهي: أولا، منع الغرب النظام البنكي الروسي من استعمال “سويفت” وهو نظام التعريف البنكي الذي يسمح بإرسال الأموال بين البنوك وهذا يعني ضربة للصادرات والواردات الروسية. ثانيا، قرار أوروبا تزويد أوكرانيا بالسلاح الخفيف المتطور مثل صواريخ ستينغر لاستهداف الطائرات الروسية، وأخيرا منع النقل الجوي المدني الروسي من استعمال الأجواء الأوروبية.
وكانت القوات النووية الاستراتيجية الروسية قد أجرت يوم 19 فبراير الجاري مناورات نووية حول استعمال السلاح النووي للرد على الاعتداءات، وشملت السلاح النووي الكلاسيكي والسلاح النووي التكتيكي. وكانت تلك المناورات قد أثارت قلق الغرب كثيرا.
ودفعت تلك المناورات النووية علاوة على إعلان بوتين هذا الأحد وضع السلاح النووي في حالة تأهب قصوى باقي القوى النووية في العالم دون استثناء إلى اتخاذ رد مماثل وخاصة في الغرب. وهكذا، وبدون شك، أقدمت القوى النووية الغربية الثلاث وهي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا على وضع السلاح النووي في حالة تأهب قصوى خوفا من انزلاق الأمور في الحرب الروسية-الأوكرانية. وبدورها، تتخذ باقي القوى النووية وهي الصين وباكستان والهند وإسرائيل القرار نفسه.
ويؤكد الباحث الفرنسي فرانسوا هيزبورك صاحب كتاب “عودة الحرب” في حوار مع جريدة ليبراسيون هذا الأحد ضرورة أخذ تصريحات بوتين وخاصة المناورات النووية بعين الاعتبار والجد وأخذ حملته العسكرية بعين الاعتبار لا سيما بعدما وصل إلى مشارف كييف في ظرف قياسي مقارنة مع وصول الأمريكيين إلى بغداد في ظرف أسبوعين، وسقوط باريس في الحرب العالمية الثانية بعد 34 يوما سنة 1940.
ويوجد تخوف في الغرب من استعمال بوتين السلاح النووي التكتيكي ضد الجيش الأوكراني في هذه الحرب التي اندلعت الخميس الماضي، وذلك بغرض تدمير بنياته العسكرية لتسهيل الاستسلام أو ضد دولة أوروبية إذا تطورت الحرب.
والسلاح النووي التكتيكي يختلف عن القنبلة النووية الكلاسيكية، وإذا كانت الأخيرة يتم استعمالها لتدمير مدينة أو إقليم بالكامل، فالسلاح النووي التكتيكي يتم استعماله على شكل محدود لتدمير تحصينات أو الهجوم على تجمعات عسكرية كبيرة أو تدمير بنية عسكرية صلبة وكبيرة. وهو متعدد الأشكال من اللغم إلى القذيفة ثم الصاروخ القصير المدى إلى القنبلة.
وتتوفر روسيا على كمية من السلاح النووي التكتيكي أكثر من كل باقي دول العالم، ويعتقد أنها تتوفر على أربعة آلاف صاروخ/قنبلة، بينما الولايات المتحدة لا تتجاوز 800 في حين تتوفر فرنسا وبريطانيا على أقل من 150 صاروخا من هذا النوع من السلاح النووي.
ولم يعش العالم حالة تأهب قصوى للسلاح النووي سوى إبان أزمة كوبا بداية الستينات عندما أراد الاتحاد السوفياتي نصب صواريخ نووية في كوبا، وردت الولايات المتحدة بحزم وتراجعت موسكو مقابل سحب الحلف الأطلسي أسلحة نووية من تركيا.