الاستقلال الوطني في المعاملات المالية الإسلامية/د. محمدٌ محمد غلام
الشروق/
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
يوم الاستقلال الوطني!
مناسبة مستحِقة للتخليد وجديرة بالاعتزاز والفرح؛ بحمد الله تعالى وشكره على ما منّ به من حرية وتحرّر وما أنعم به من وحدة وبناء…
هنيئا للمجاهدين المقاومين ورحمة من الله تعالى على قبورهم، هنيئا لجميع بُناة الجمهورية الإسلامية الموريتانية – من أبنائها وبَناتها – بمناسبة هذا اليوم الأغرّ…
تحيتي للموريتانيين والموريتانيات اليوم، تهنئة شرعية فقهية مهنية؛ تسلط الضوء على جانب مهم من جوانب الاستقلال الوطني، قُطعت فيه أشواط مقدّرة وهو إلى أشواط أخرى أكثر حاجة وأشدّ استعجالا..
ألا وهو استقلالنا الوطني في مجال معاملاتنا المالية؛ حتى نتخلص من الرّبويات الماحقة (يمحق الله الربوا ويربي الصدقات) ونستظل بظلال الاقتصاد الإسلامي المبارك (البيّعان بالخيار ما لم يفرقا، فإن هما صدقا وبينا بورك في بيعهما، وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما) كما في الصحيحين.
التهنئة اليوم ستكون إسهاما بإلقاء الضوء على أهم العمليات الربوية الحديثة والبدائل الشرعية المتاحة عنها، وذلك في نقاط أربع:
أولا: تقديم
الحمد لله القائل: (يأيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربوا إن كنتم مومنين فإن لم تفعلوا فاذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون) وصلى الله وبارك على نبيه الكريم، َمن عّد أكل الربا من “السبع الموبقات” كما في الصحيحين. ولعن “آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه” كما في صحيح مسلم وغيره،
وبعد…
فيعتبر الاقتصاد الإسلامي – بمرجعيته الشرعية ومنطلقاته الفكرية والحضارية وخلفيته الفقهية وتطبيقاته المهنية – مرتكزا من مرتكزات الاستقلال الوطني للجمهورية الإسلامية الموريتانية، المنطلقة من احترام عقيدة أبنائها البررة، ورثة المحظرة الشنقيطية ورسالتها الإصلاحية المتجذرة، القائمة على الأسس الشرعية والأصالة الفقهية والمستفيدة من كل جديد نافع، المميزة بين الثوابت والمتغيرات و بين القطعيات والظنيات…
يستمد الاقتصاد الإسلامي أهميته الفكرية والحضارية، من كونه تعبيرا صادقا وشهادة عملية على صلاحية الإسلام لكل زمان ومكان، ثم على ثراء العطاء العلمي والإشعاع المعرفي لأبناء أمة الإسلام على مختلف العصور، ومنهم أعلام بلاد شنقيط وعلماؤها، أبناء الجمهورية الإسلامية الموريتانية.
كما يستميح قيمته الفقهية والعملية من كونه اختراقا حقيقيا لطوق المعاملات الربوية الذي خلف المستعمر الأمة – يوم غادرها – وهي رهينة له، رغم ما فيه من مصادمة لعقيدتها
ومنافرة مع ثقافتها. قبل أن تأتي الأزمات المالية العالمية المتلاحقة لتفتح عيون كبار الباحثين والمنظرين الاقتصاديين – حتى من غير المسلمين – ليؤكدوا أن أسباب هذه الأزمات كانت اعتماد الاقتصاد التقليدي على اقتصاد “الفقاعات” بدل قيامه على “الاقتصاد الحقيقي” ثم بسبب اعتماده على معدلات الفوائد الربوية التي تزيد الغني غنى والفقير فقرا…
من هذا المنطلق تأتي هذه الورقة لتلقي الضوء على أهمّ العمليات الربوية المعاصرة والبدائل المشروعة عنها؛ في نقاط ثلاث:
– عمليات ربوية حكومية
– عمليات ربوية نقدية مصرفية
– عمليات ربوية تأمينية
وقبل الدخول في صلب الموضوع، لابد من الإشارة إلى أن هذه الورقة تنطلق من المفهوم الموسع للربا؛ باعتبار جميع العقود المحرمة شرعا تدخل في هذا المفهوم.
(ٍوالخلف في الربا؟ فقيل: كلُّ ** بيع من البيوع لايحلّ
ٍ وقيل: أن يكون بين العوضين** تفاضل؛ كدرهم بدرهمين
وقيل: أن يربي للغريــــــــــم** غريمه، في دينه القديـــم)
وبما أن هذه الورقة تستهدف الالتزام بالشرع الحنيف، وترمي إلى الإسهام في تنقية هذا الحقل الشائك من المحرمات، وتقدم البدائل الشرعية العملية المهنية المعاصرة، فإنها تأخذ بهذا المفهوم العام للربا، وتعتبر المعاملات الربوية؛ هي كل عملية ممنوعة شرعا.
ثانيا: عمليات ربوية حكومية
ونقصد بها أهم العمليات الربوية ذات الطابع الاقتصادي والمالي التي تمليها ظروف العمل الحكومي وإكراهات العمل الحكومي (سّد العجز في الموازنات، الضرائب، التعاطي مع الشركاء والممولين، عقود التوريد…) علما بأن الحديث يقتصر على الأمور التي تمليها الإكراهات الواقعية والأعراف العملية (مع افتراض حسن الظن بالقائمين على العمل الحكومي) دون الحديث عن الفساد والمحاباة وهدر الأوقات والممتلكات العامة… مما هو مصادم حتى للقوانين المعمول بها.
1. إصدار سندات الخزينة:
أ- التعريف والتكييف: وهي أوراق مالية (الأوراق المالية هي: السندات والأسهم والصكوك) يتعهد بموجبها المصدر بأن يدفع لحامل السند – بعد مدة محدودة – المبلغ المحدد في السند مع دفع فائدة سنوية مقدرة تمثل نسبة مائوية من المبلغ المحدد في السند. وتكيف فقها على أنها قروض ربوية، وتضطر الحكومات لإصدارها لسدّ العجز في الموازنة.
ب- البديل الشرعي: هو إصدار الصكوك الاستثمارية بأنواعها المختلفة (صكوك إجارة، صكوك مشاركة، صكوك سلم…) لتغطية العجز؛ وذلك بالحصول على أموال المستثمرين المكتتبين في الصكوك، والذين ترتبط عائداتهم من هذه الصكوك بما تحققه المشاريع والأصول (محل الصكوك) من أرباح؛ طبقا لمبدأ “المشاركة في الربح والخسارة” ويراجع لتفصيل وآليات إصدار الصكوك “معيار الصكوك” من
المعايير الشرعية. كما يمكن الاستئناس بتجربة صكوك الحكومة السودانية المسماة: شهادات المشاركة الحكومية (شهامة) التي ترمي إلى سّد عجز الموازنة، بالإضافة
إلى إدارة السيولة على مستوى الاقتصاد الكلي والتحكم في التضخم وتجميع المدّخرات القومية وتشجيع الاستثمار.
ملاحظة: ومن الجدير بالتقدير في هذا الإطار، ما قامت به الخزينة الوطنية بالتعاون مع البنك المركزي الموريتاني من إصدار لما سمي “السندات الإسلامية” وإن كان في حقيقته إصدارا للمنتج المعروف في البنوك التجارية بمنتج “التورق في السلع الدولية” وهو منتج من منتجات بنوك التجزئة وليس إصدارا لائقا بورقة مالية من جهة سيادية!
2. الضرائب:
ويتيح الاختلاف الفقهي القائم على مبدأ جواز وضع الضرائب – في ظل نضوب الموارد المعروفة قديما لبيت المال/ الخزينة العامة – متنفّسا للحكومات الجادّة في تطبيق الشرع؛ ليقتصر الإصلاح الضريبي “المستعجل” في فرض العدالة في وضعها – بعيدا عن محاباة الحكومة لموالاتها بتخفيفها، ومعاقبة معارضيها بالتعسّف فيها وضعا وجباية – ثم بوضعها لتغطية الضروريات والحاجات العامة الملحقة بها، دون مبالغة. ثم بالتخفيف من غلوائها على الفئات الهشة والشرائح الضعيفة من المجتمع.
3. التعاطي مع الشركاء والممولين:
وقد أتاح اعتراف مؤسسات التمويل الدولية بالاقتصاد الإسلامي وأسس التمويل الإسلامية (البنك وصندوق النقد الدوليين) هامش مناورة كبيرا للحكومات الجادة، لفرض شروط تعامل لا تصادم الشريعة الإسلامية، فضلا عن وجود مؤسسات إسلامية مثل البنك الإسلامي للتنمية، الذي يدعم
الحكومات التي تتجه نحو المعاملات المالية الإسلامية؛ بالتعامل معها أولا، ثم بتسهيل شروط التعاقد بينها مع الجهات ذات العلاقة ثانيا.
وبعد استفراغ الجهد في هذا المضمار تبقى الضرورات التي “تقدّر بقدرها” من طرف أصحاب الشأن فقها وواقعا.
4. عقود التوريد:
أ- التعريف والتكييف: وهي العقود التي تبرمها الحكومة مع مورديها لتزويدها باللوازم والمعدات والتجهيزات اللازمة لعملها طيلة السنة المالية. والإشكال الفقهي فيها، أنها عقود لا تقدّم الحكومة فيها – مع العقد – رأس مالها فتكون سلما أو
استصناعا، ولا يقدم المورّد السلعة أو الخدمة ابتداءً فنكون أمام بيع بالأجل، وإنما يتم العقد مع تأجيل البدلين، وهو ما يعرف ببيع “الكالئ بالكالئ” أو “ابتداء الدين بالدين” كما يعبر عنه المالكية بتعمير الذّمتين.
ب- البديل الشرعي هو إيجاد صيغة تعاقد بديلة: عقد استصناع لا يجب تعجيل رأس ماله عند الأحناف (وقد كرسه قرار المجمع الفقهي) حيث تسلم الحكومة جزءً من الثمن ابتداءً واسترسال المورد في استلام بقية الثمن، بناء على أن “قبض األوائل قبض للأواخر” أو بالأخذ بمذهب بعض المعاصرين الذين يرون في تقنين عقود التوريد وقوة
إلزامها غُنية عن استلام رأس المال.
ثالثا: عمليات ربوية نقدية مصرفية
ونقصد بها أهم العمليات الربوية ذات الطابع النقدي المصرفي:
1. ما يتعلق بالجهة الوصية على القطاع:
مع أن البنك المركزي جهة سيادية تتبع الجهاز التنفيذي للدولة، إلا أن صلته الوثيقة بقطاعه (بنوك التجزئة ومؤسسات “الإقراض” والصرافة…) يفرض علينا – منهجيا – أن نعالج شأنه في هذا الإطار، ولنأخذ أهم الأمثلة على المخالفات الشرعية وبدائلها:
أ- تكريس الإقراض والاقتراض بفائدة ربوية أساسا للتعامل النقدي: ولا يخفى ما يتضمنه هذا الأساس من مصادمة للشرع (سلف جرّ نفعا، وربا نسيئة وفضل)
والبديل الشرعي هو إيجاد صيغة تنظيمية تقضي بتبني “معدل العائد” بدل معدل “الفائدة الربوية” صيغة لا تسمح بأن تكون النقود مولدة للنقود في حدّ ذاتها، وإنما تجعل أساس اعتماد التعامل النقدي بالمشاركة في الربح والخسارة (الغنم بالغرم) مثل منتجات المشاركات والمضاربات، أو على أساس الربح المحدّد على أساس عقود المداينات (البيع بأنواعه) أو عوائد الخدمات والمنافع التي تقدمها المؤسسات المصرفية.
ب- إصدار السندات (تراجع فقرة السندات في النقطة “أولا”
وهنالك تجارب عملية تمكن الاستفادة منها مثل: شهادة مشاركة البنك المركزي “شمم” التي يصدرها البنك المركزي السوداني لصالح البنوك التجارية والتي تستهدف التحكم في السيولة وإدارتها وتنظيم السوق البينية بين البنوك.
ملاحظة: مما يجدر بالتقدير في هذا المجال، الخطوات المتميزة التي قام بها البنك المركزي الموريتاني ويقوم بها من تقنين يراعي خصوصية المؤسسات المالية الإسلامية ويسمح بمتابعتها وضمان حوكمتها الشرعية، وفي مقدمة ذلك تعيين هيئة شرعية عليا للبنك المركزي الموريتاني. وهي خطوات جديرة بالتقدير والمتابعة والاستكمال.
2. ما يتعلق بالبنوك التجارية/ بنوك التجزئة والبنوك الاستثمارية:
تنظم البنوك التقليدية/ الربوية أعمالها في صيغة عقدين منفصلين؛ أحدهما على مستوى استقطاب الموارد المالية؛ وهو “الاقتراض بفائدة/ ربا” والثاني على مستوى توظيف تلك الأموال “الإقراض بفائدة/ربا” وكلاهما عقد ربوي يقوم على السلف الذي يجر نفعا للمقرض، وعلى أساس مبادلة النقود
بأكثر منها (ربا الفضل) ومبادلتها مع تأخير أحد البدلين (ربا النسيئة)
والبديل الشرعي هو إيجاد صيغ شرعية تستعيض بها البنوك في الاتجاهين:
أ- منتجات استقطاب الأموال:
– الحسابات الجارية/ الودائع تحت الطلب: وتكيّف على أنها قروض للبنك تدخل في ضمانه؛ عليه غرمها (ضمانها) وله غنمها (ربحها)
– الحسابات الاستثمارية/: تكيّف على أساس أنها قراض/ مضاربة، بين البنك وعميله “المودع” يكون البنك فيها مضاربا/ عامل قراض، ويكون العميل ربّا للمال على أن يقتسما الربح الفعلي بنسبة مائوية.
-إصدار الصكوك لتمويل المشاريع وإقامة الاستثمارات (تراجع فقرة الصكوك في النقطة “أولا“)
ب- منتجات توظيف الأموال:
– أساليب وعقود الاتجار في المعاملات المالية (البنك فيها يتصرف- تاجرا)
. بيع المساومة
. بيع المرابحة
. السلم
. الاستصناع
– أساليب وعقود الإجارة:
. الإجارة التشغيلية: يمتلك البنك الأصول المؤجرة بغية تأجيرها.
. الإجارة المنتهية بالتمليك: ملكية الأعيان المؤجرة تؤول في النهاية إلى المستأجر (بموجب بيع يعده به البنك، أو هبة معلقة على شرط السداد)
. الإجارة الموصوفة في الذمة: على منفعة أصل موصوف بصفات دقيقة (تمنع حدوث أي نزاع) يلتزم المؤجر بالحصول عليه وتسليمه للمؤجر في الوقت المحدد.
– أساليب وعقود المشاركات في المعاملات المالية؛ ويندرج ضمنها مختلف أنواع المشاركات:
. الشراكة الدائمة
. الشراكة المتزايدة (قصد الاستحواذ)
. الشراكة المتناقصة (تؤول ملكية الشركة للعميل)
– أساليب وعقود الاسترباح في المعاملات المالية:
. المضاربة/ القراض: يكون البنك ربا للمال والعميل مضاربا.
. المزارعة: رأس المال أرض يزرعها العامل على أن يُقسم الناتج حسب الاتفاق.
. المساقاة: رأس المال، أشجار مثمرة يقوم العامل على إصالحها بنصيب شائع من الثمر.
. المغارسة: رأس المال أرض بيضاء يغرس العامل فيها أشجارا مثمرة بنصيب شائع من الشجر ومن الأرض أو ما يقوم عليه نصيبه من الشجر.
ج- الخدمات المصرفية:
– خطابات الضمان
– الاعتمادات المستندية
– الحوالات المصرفية
– بطاقات السحب والائتمان
وقد صدرت معايير شرعية وقرارات مجمعية تنظم عمل هذه الخدمات، وهي موضوعة حيز التنفيذ في عمل المصارف الإسلامية.
رابعا: عمليات ربوية تأمينية
تعتبر شركات التأمين ضرورة عصرية، نظرا لتعقيد الحياة التجارية والاقتصادية بل والاجتماعية، ثم لضعف روابط العصبيات الاجتماعية “العاقلة” فضلا عن ضخامة الالتزامات
وشساعة الرقعة الجغرافية التي تتم عليها المبادلات التجارية والالتزامات المالية…
١. شركات التأمين التقليدية
تقوم شركات التأمين التقليدية على تلقي الأموال من المشتركين مقابل تغطية المخاطر التي يتعرضون لها (أو المساهمة في ذلك) على أن تكون هذه الأموال ملكا خالصا للمساهمين في الشركة؛ تظهر في قوائمهم المالية أرباحا وفوائض. وهو ما يكيّف على أنه عقد يقوم على الغرر المحرم؛ حيث يكون القسط ربحا خالصا للشركة إذا لم يتعرض المؤمن لمخاطر، ويكون خسارة قد تكون مضاعفة في حالة تعرضه لما يوجب التعويض.
٢. البديل الشرعي: شركات التأمين التكافلي
ويقوم الأساس النظري الفقهي للتأمين الإسلامي/ التعاوني على مبدأ التعاون التشاركي بالاتفاق الضمني (العملي) بين حَمَلة سندات التأمين بإبرام عقود تبرع لصالح “صندوق التأمين” على أساس استحقاق كل منهم للمساعدة في تغطية جزء من أعباء ما تقد يتعرض له من مخاطر (تحددها بوليصة التأمين) من هذا الصندوق.
وعلى أن تقوم شركة التأمين بإدارة هذا الصندوق والقيام على استثمار فوائضه ومخصصاته واحتياطاته، في إطار الفصل الكامل بين الذمم المالية للأطراف الثلاثة:
– شركة التأمين الإسلامي (بأموال المساهمين المؤسسين)
– حملة وثائق التأمين/ المتبرعين لصندوق التأمين التعاوني
– صندوق التأمين التعاوني (بشخصيته الاعتبارية)
وذلك على النحو التالي:
أ- شركة “التأمين التعاوني” التي يؤسسها المساهمون لتقوم على إدارة صندوق التأمين؛ باستقبال مشاركات حملة الوثائق أولا، ثم بمتابعة علاقتهم بهذا الصندوق من حيث الاستحقاق في التعويض ثانيا (بوصفها وكيلا بأجر) ثم باستثمار فوائض هذا الصندوق ومخصصاته واحتياطاته بوصفها مضاربا يستثمر هذه الأموال بجزء شائع من أرباحها= نسبة مائوية، ثالثا.
إضافة إلى إمكانية تقديم “قروض حسنة” لصالح الصندوق في الحالات التي يكون فيها محتاجا إلى ذلك، لعجزه عن تغطية متطلبات التعويض.
ب- حملة وثائق التأمين؛ الذين يتبرعون لهذا الصندوق بالمبالغ المدفوعة لحصولهم على سندات التأمين، لكي “تكون دلو كل منهم مع دلاء” إخوته المتبرعين المتعاونين؛ بحيث يحصل المشارك منهم على حق التعويض عن الضرر اللاحق به أو تحمّل بعض الأعباء التعويضية المترتبة عليه على ما تقتضيه بوليصة التأمين.
ج- صندوق التأمين التعاوني (بشخصيته الاعتبارية) الذي لا تعود ملكيته إلى أي من مالكي شركة التأمين أو حملة بوليصات التأمين (المستأمنين) والذي يبقى تحت إدارة شركة التأمين (على ما هو مبين في الفقرة “أ”) وكأنه موقوفُ “الخدمات” على حملة بوليصات التأمين، على أن تعود ملكية محتوياته المالية عند تصفية الشركة للجهات الخيرية المحددة في النظام التأسيسي للشركة. بعلم الجهة الوصية حكوميا وموافقتها.
والخلاصة أن يوم الاستقلال الوطني يوم عظيم؛ برمزيته السيادية ورسالته التحرّرية وأن في المعاملات المالية الإسلامية وأسس الاقتصاد الإسلامي ما يعزز هذا التحرر ويعلي من قيمة تلك السيادة، لخلفيته الشرعية ووجاهته الاقتصادية، تعزيزا للتنمية المستدامة وتأصيلا للنمو المتسارع والرّفاه الاجتماعي؛ خاصة عند استحضار ملاءمة هذه البيئة لاقتصاديات الزكاة والوقف والمحفزات الشرعية للإنتاج الجيّد والتوزيع العادل، بعيدا عن غوائل الإسراف والكسل والربا وأكل أموال الناس بالباطل.
والله الموفق وهو الهادي إلى سواء السبيل
د. محمدٌ محمد غلام