أخبار كوركول

آلمودات: من طلب العلم إلى طلب النقود

الشــروق / تشهد بعض كبريات المدن في موريتانيا انتشارا ملحوظا لظاهرة ما بات يعرف محليا بـ “آلمودات”  وهم مجموعة من الأطفال دفعت بهم ظروف الفقر والجهل إلى تقاطع الطرقات لتسول المارة في مشهد روتيني هدفه تأمين دخل نقدي لشيخ محظرة قرآنية استلمهم من ذويهم ليبث في قلوبهم ما تيسر من آي الذكر الحكيم.

 

فأغلب المحاظر التي لا ترعاها جهات حكومية أو خيرية يعتمد دخل شيوخها على ما يستطيع الأطفال “آلمودات” جنيه من نقود عبر التسول في ملتقيات الطرق وداخل الأزقة والأسواق وعلى كل منهم تحصيل مبلغ معلوم.

وتعتبر مدينة بوكى بولاية لبراكنه والواقعة على ضفة النهر السنغالي في الحدود الجنوبية مع الجارة السنغال أحد أكبر معاقل الظاهرة بالولاية  وتشهد فيها رواجا كبيرا.

يحكي سالم ولد ودو أحد “آلمودات” رحلته اليومية مع التسول قائلا إنهم يخرجون في شكل مجموعات لكل مجموعة قائد هو أكبر المجموعة سنا وتتلخص مهمته في الإشراف على توزيع الأماكن الحيوية بين أفراد المجموعة ومراقبة آداءهم بحيث يضع كل منهم قطعا نقدية داخل علبة طماطم فارغة فتحدث أصواتها رنينا يطرق القلوب بإلحاح.

ويقول ولد ودو إن ساعات الصباح وحتى قبيل منتصف النهار تعتبر الوقت المفضل  للعمل ويكون “آلمود” مطالب بجني مبلغ 300 أوقية قبل العودة إلى شيخ المحظرة الذي يجده بانتظاره لاستلام ما يجنيه من نقود، يخصص الشيخ مكافأة لكل من يعود بهذا المبلغ باستمرار فيما تتم عقوبة من فشلوا في تحصيله بإعادتهم إلى التسول مع ساعات المساء.

أما شيخ محظرة الرضوان “ع س” فيرى أن الظاهرة تعود أصولها لعقود حيث كان المجتمع يهدف من خلالها لكسر إحساس التكبر في نفوس طلاب العلم، غير أنه مع الهجرة إلى المدن صارت السبيل الأوحد لحصول شيوخ المحاظر على تعويض مادي مقابل التدريس فضلا عن إشغال الطلبة عن استثمار فراغاتهم في ممارسة مسلكيات ضارة، معتبرا أن فرض مبلغ يومي  على “الآلمود” ما هو إلا محاولة لمنع التكاسل والتراخي في التحصيل.

 

ويقول الناشط الحقوقي عبد الله ولد خين إن المنظمات الحقوقية تراقب استشراء الظاهرة بقلق خصوصا وأن أغلب ضحاياها هم من أبناء العبيد والعبيد السابقين وكذا الأقلية الزنجية في المجتمع وقد تم طرحها في العديد من الاجتماعات والنقاشات غير أن المنظمات الحقوقية ليست لديها موارد لحماية الأطفال أو التكفل بهم، مطالبا السلطات الرسمية بتحمل كامل مسؤولياتها في وضع حد للظاهرة والتكفل بالأطفال وحمايتهم من مشغليهم.

واعتبر ولد خين أن الإنجازات الحكومية في مجال حماية الطفل لا تزال محتشمة رغم الحملات الدعائية والموارد المالية المخصصة لهذا الغرض إضافة إلى ما يوفره الشركاء من موارد.

 

ومع تنامي اهتمام المنظمات الحقوقية بالظاهرة والمطالبة بوضع حد لها أنشأت السلطات الموريتانية مراكز لحماية ودمج الأطفال في العاصمة انواكشوط وبعض عواصم المحافظات هدفها توفير الدراسة المجانية والرعاية للأطفال المنحدرين من أوساط هشة مع تقديم بيانات  حول حماية الطفل والتعليم ما قبل المدرسي، مع السعي لتعميم التجربة.

 

وقد استعرضت وزيرة الشؤون الاجتماعية والطفولة والأسرة د. فاطمة بنت حبيب خلال افتتاحها لورشة وطنية حول النظام الوطني لحماية الطفل في الثلاثين من مايو الماضي الجهود الرسمية في هذا المجال معتبرة أن من بين النتائج التي تحققت في مجال حماية الطفل إحصاء 36097 طفلا مسجلا في مؤسسات التعليم خلال العام 2014/2015 وتكوين العديد من الفاعلين في مجال الطفولة، فضلا عن إعداد مشاريع نصوص قانونية والتكفل ب 16913 طفلا سنة 2014 و 15976 طفلا سنة 2015.

 

وختمت بنت حبيب بالقول إن موريتانيا صادقت على مختلف الاتفاقيات والمواثيق الدولية ذات الصلة بحقوق الطفل كما عملت على تطوير منظومتها القانونية الوطنية للتلاؤم مع الإشكاليات المتعلقة بحماية الطفولة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى