قضـاة موريتانيا يطالبون بإقالة وزير الإسكان ومتابعته.. (بيـان)
الشروق نت / تابعنا في المكتب التنفيذي لنادي القضاة الموريتانيين الخرجة الإعلامية التي انتهك فيها السيد وزير الإسكان مبادئ الدستور ودولة القانون والمبادئ المكرسة بالمواثيق والعهود الدولية، حين أكد عدم تنفيذ الدولة للقرارات القضائية، مبيّنا أن ذلك هو دأب الحكومة التي ينتمي إليها، وأن تلك هي وجهة نظرها التي تناقشها دائما، وأنها تمارس الرقابة على أحكام القضاء فتلغي منها ما تراه جائرا، فلا تطبقه! ولا يهم، من وجهة نظره، صدور تلك الأحكام والقرارات من جهة قضائية، لأن “القضاء ليس هو الدولة”، على حد زعمه! ثم ألمح الوزير في خرجته إلى أمور قال إنه لا يمكن الإفصاح عنها في العلن، في أسلوب من الغمز والهمز واللمز لا يناسب وظيفته السامية.
وكنا نظن أن السيد الوزير- بعد هذه السقطة الشنيعة، والانتهاك الصارخ لقواعد الدستور ومبادئ دولة القانون، والاستهزاء العلني بأحكام القضاء، والافتراء عليه، ونشر معلومات كاذبة ومضللة- سوف يتأسى بنظرائه في العالم، ويعتذر علنا، ثم يستقيل؛ رفعا للحرج عن الحكومة الموقرة وعن صاحب الفخامة السيد رئيس الجمهورية الذي منحه ثقته من أجل بناء الدولة، لا لتقويض أهم دعائمها!!!
وليست هذه هي المرة الأولى التي يتهجم فيها هذا الوزير على القضاء ويقلل من هيبته ويلمز السادة القضاة، فقد فعل ذلك خلال اجتماع ضم مسؤولين في السلطة القضائية، وبعض أعضاء الحكومة، وقادة الأجهزة الأمنية.
وتطبيقا للمادة 4 من النظام الأساسي للنادي التي تُنيط بنا مسؤولية “تعزيز هيبة السلطة القضائية ومكانتها، والدفاع عن استقلال القضاء وحرمته؛ تكريسا لدولة القانون، وصونا للحقوق والحريات”، فإننا في نادي القضاة الموريتانيين:
■ أولا: نشجب التصريحات المسيئة التي صدرت عن وزير الإسكان، ونطالب صاحب الفخامة السيد رئيس الجمهورية ومعالي السيد الوزير الأول بإقالته فورا؛ لأن تصريحاته تسيء إلى الدولة وتشوه سمعة البلاد. وإقالة هذا الوزير هي أقل ما يمكن فعله؛ انتصارا للدستور ودولة القانون؛
■ ثانيا: نبلغ النيابة العامة الموقرة بالجنايات والجنح التلبسية التي ارتكبها وزير الإسكان على الملأ؛ ونطلب منها البدء فورا بإجراءات متابعته على تلك الجرائم المشهودة، ونذكرها بأن “لا حصانة مع التلبس”.
والجرائم التي ارتكبها الوزير هي، علاوة على خرق المادة 89 من الدستور المتعلقة بفصل السلطات:
1- العمل بصفة الموظف العمومي ضد تنفيذ أوامر وقرارات القضاء (وتلك جناية معاقبة بالمادتين 182 و 183 من القانون الجنائي)؛
2- إعطاء أوامر ضد تنفيذ قرارات القضاء (وتلك جناية: معاقبة بنص المادة 185 من القانون الجنائي)؛
3- التقليل علنا من أهمية القرارات القضائية (وتلك جنحة معاقبة بالمادة 208 من القانون الجنائي)؛
4- إهانة القضاة بقصد المساس بشرفهم والاحترام الواجب لسلطتهم (وتلك جنحة معاقبة بنص المادة 204 من القانون الجنائي)؛
■ ثالثا: نوضح للموريتانيين، حكومةً وشعبا:
أ) – أن صدور الأحكام ضد مؤسسات الدولة ناجم -في الغالب- عن كون المسؤولين في قطاعات الدولة وإداراتها يقصّرون في الرد على الشكاوى والعرائض التي تُقدّم ضدهم، فلا يكون أمام قاضي الحكم، بعد إعذار المدعى عليه، سوى تطبيق القانون؛ إذ “يمكن أن ينتج الإقرار القضائي عن سكوت الخصم، عندما يدعوه القاضي صراحة إلى الإجابة عن الدعوى الموجهة إليه فيلوذ بالصمت”.. وبناء على ذلك: يصدر القاضي حكما ابتدائيا ضد الإدارة، فلا تهتم هذه الأخيرة بالموضوع ولا تمارس حقها في الاستئناف إلى أن تنتهي الآجال القانونية، فيصبح الحكم نهائيا!
ثم يأتي من بعد ذلك من لا يراعي أبجديات القواعد الناظمة للعلاقة بين السلطات في دولة القانون، مثل وزير الإسكان الحالي، فيقول: إن الحكم القضائي جائر! وإنه لن يطبقه أبدا، بل يقول إن القضاء ليس هو الدولة!
والحق: أن عدم التنفيذ جبرا على الدولة يعود لثلاثة أسباب رئيسة، وهي:
• أن المشرع يفترض أنها هي الأحرص على تطبيق القانون وتنفيذه قبل الخواص.
• وأنه يفترض أن مؤسسات الدولة موسرة ويمكنها تنفيذ الأحكام وديا دون الاضطرار للتنفيذ الجبري؛
• وأن الحجز على ممتلكات المرافق العمومية قد يوقف -ولو مؤقتا- الخدمة العامة المقدمة للمواطنين.
ب) – أن المشرع قد فتح طرقا للتظلم من أحكام المحاكم وقراراتها، عن طريق الطعون العادية وغير العادية، كما أن حياد القاضي مفترض، ويمكن لمن شك فيه أن يتبع الضمانات القانونية لمخاصمة القاضي.
وأما الافتراء والاستهزاء بقرارات القضاء ونشر المعلومات المضللة أو الكاذبة، دون دليل.. فتلك جرائم يعاقب عليها القانون.
وصدق من قال: لا مستقبل لأمة لا تحترم قضاءها.
والله الموفق، وهو الهادي إلى سواء السبيل.
عن المكتب التنفيذي لنادي القضاة الموريتانيين:
الأمين العام
الثلاثاء: 25 جمادى الأولى 1444هـ
الموافق: 20 دجمبر 2022م